الحماية القانونيّة للمستهلك من مخاطر الطّب البديل “الواقع و التحدّيات” الجزء الثاني

ثانيا: تحديات المجتمع المدني والإرادة التشريعية الجزائرية في إطار حماية المستهلك في مجال
الطب البديل

نظرا للفراغ القانوني الذي تعاني منه المنظومة التشريعية الجزائرية في تنظيم الطب البديل، جعل المجتمع المدني والمنظومة التشريعية في مواجهة تحديات كبيرة لحماية المستهلك الطرف الضعيف في علاقته مع الممارسين لهذا النشاط، وفيما يلي سنتعرض إلى تحديات المجتمع المدني وهم جمعيات حماية المستهلك بصفة عامة والمنظمة الجزائرية لإرشاد وحماية المستهلك ومحيطه بصفة خاصة ثم إلى تحديات الإرادة التشريعية الجزائرية.

1.تحديات المجتمع المدني

إنّ جمعيات حماية المستهلك تجد نفسها أمام تحديات عديدة في ظل الفراغ القانوني من أهمها توعية وتحسيس المستهلك حول مخاطر ومضار العلاج بالطب البديل بصفة عشوائية من خلال حملات ونشاطات تحسيسية وإعلامية ، فقد نصت المادة 21 من قانون حماية المستهلك وقمع الغش على دورها الإعلامي والتحسسي والتوجيهي للمستهلك، والمنظمة الجزائرية لإرشاد وحماية المستهلك ومحيطه لعبت دورا هاما في عملية تحسيس المستهلك وحماية مصالحه المادية والمعنوية في هذا المجال وذلك عن طريق إبداء رأييها حول الطب البديل ففي سبر الآراء الوطني الذي قامت به المنظمة سنة 2017 تبين أن 53 بالمئة من المستهلكين يفضلون التوجه للعلاج بالأعشاب و الرقية بدل التوجه للأطباء والمستشفيات، وذلك لعدة أسباب ذكرها رئيس المنظمة أهمها تكلفة العلاج عند الأطباء الخواص و الفوضى التي يعرفها قطاع الصحة واللامبالاة في المستشفيات، فإن كان لهذا النشاط إطارا قانونيا فإن التخوف من الأضرار التي قد تصيب المستهلك سيكون ضئيلا، لهذا فإن المنظمة و جميع جمعيات حماية المستهلك في تحدي كبير بين تحسيس المستهلك و توعيته وبين وضع توصيات للوزارة الوصية من أجل تقنين هذا النشاط و وضع إطار قانوني له و الرقابة القبلية والبعدية عليه لتفادي الإضرار بالمصالح المادية و المعنوية للمستهلك .

2. تحديات الارادة التشريعية الجزائرية:

إن لجوء المستهلك إلى القواعد العامة أو إلى قوانين حماية المستهلك لحماية مصالحه المادية و المعنوية في مجال الطب البديل، و مع مجهودات المجتمع المدني من خلال الحملات التحسيسية والإعلامية و التحذير من الإشهار التضليلي لهذا النشاط غير أنه يبقى غير كافيا، فقد أصبح من الضروري على المشرع الجزائري وضع إطار قانوني لهذا النشاط على قدر المساوة مع النشاط الطبي و الصيدلي، لأن الأخيرة منظمة بموجب قوانين وتمارس عليها الرقابة من طرف الجهات المختصة على بيع وإنتاج المنتوجات الصيدلانية سواء قبل تداولها أو بعد تداولها، ولا يتم إنتاجها أو طرحها للتداول إلا من طرف ذوي الاختصاص، وتم استحداث أجهزة إدارية رقابية تابعة أو تحت وصاية وزارة الصحة و إصلاح المستشفيات، إذا فإن المنظومة التشريعية و في ظل الفراغ القانون الذي يعاني منه نشاط الطب البديل فسيؤدي إلى العديد من الأضرار و التحايل على عقول المستهلكين ونهب جيوبهم و المساس بصحتهم وبالتالي المساس بالصحة العامة، لأن تزايد إقبالهم على الطب البديل رغبة منهم الشفاء من أمراضهم سيوسع من رقعة الخطر.

الخاتمة:

ختاما لما تم تقديمه، فإن الطب البديل في الجزائر كان ومازال يتمتع بشعبية كبيرة والجميع يفضله عن غيره وما يزال الاعتقاد السائد في مجتمعنا أنه العلاج المناسب لجميع الأمراض، بدلا من العلاج الذي يقدمه الأطباء المختصون ومراكز العلاج سواء العمومية أو الخاصة، إلا أن أصحاب هذا النشاط يستغلون الوضع من خلال تضليل المستهلك وبالتالي الإضرار بمصالحه المادية والمعنوية، وكما سبق بيانه فإن القواعد العامة لا تحمي المستهلك الحماية المرجوة، لهذا نحن أمام تحديات مستقبلية تواجه المجتمع المدني و منظماته على وجه الخصوص وكذا الارادة التشريعية التي تجد نفسها أمام تحدي تنفيذ استراتيجية المنظمة العالمية للصحة لهذا نضع الاقتراحات التالية:
– إدماج الطب البديل في صلب الرعاية الصحية،
– تعليم ممارسي الطب البديل وتدريبيهم باستحداث هذا التخصص في الجامعات ومراكز التكوين المهني، او تكوين ممارسي الصحة من أطباء وصيادلة في هذا المجال وبالتالي اشتراط شهادة في التخصص لممارسة نشاط الطب البديل وبترخيص مسبق،
– سن قانون خاص ينظم ممارسة الطب البديل ويحوي في بنوده على آليات خاصة لحماية المستهلك،
– سن نصوص قانونية خاصة تجرم الخداع والغش في المنتوجات المستعملة في الطب البديل،
– إستحداث أجهزة رقابية خاصة بالطب البديل بالإضافة إلى الأجهزة التابعة لمديرية التجارة.

المراجع

مؤلّفات:

  • د. محمد صبري السعدي، “شرح قانون المدني الجزائري”، طبعة الثانية، الجزء الثاني، سنة 2004.
  • أ. د زاهية حورية سي يوسف «دراسة قانون رقم 09-03 المؤرخ في 25 فيفري 2009 المتعلق بحماية المستهلك”، دار الهومة للنشر، سنة 2017.

قوانين و مراسيم تفيذيّة

  • الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 08 جوان 1966، يتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم.
  • الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1957 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم.
  • القانون رقم 04-02 المؤرخ في 23 جوان 2004، المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية، ج ر عدد 41 الصادرة في 27 جوان 2004 المعدل والمتمم.
  • القانون رقم 09-03 المؤرخ في 25 فيفري 2009، المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش، ج ر عدد 15، الصادر بتاريخ 08 مارس 2009.

مقالات

  • سامح عبد الواحد التهامي «ضمان الضرر الذي يصيب مستهلك الدواء المستمد من مصادر طبيعية (دراسة في القانون الإماراتي)”، مجلة علوم الشريعة والقانون، المجلد 43، الملحق 04، الأردن، سنة 2016، ص1513

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *