الحماية القانونيّة للمستهلك من مخاطر الطّب البديل “الواقع و التحدّيات” الجزء الأوّل

الملخصّ

في جميع أنحاء العالم يكون الطب البديل إما دعامة أساسية للرعاية الصحية أو خطرا على الصحة والسلامة العامة للمستهلك، لهذا تبنت المنظمة العالمية للصحة إستراتيجية هدفها الرئيسي طب بديل آمن للمستهلك، فقامت معظم الدول بتقنينه وتقييده بشروط قانونية لممارسته، أما التشريع الجزائري و في ظل الفراغ القانوني فإننا نلجأ إلى القواعد العامة والقواعد الخاصة بحماية المستهلك للمحافظة على مصالحه المعنوية والمادية من مخاطر الطب البديل مع الاصطدام بالتحديات التي يوجهها المجتمع المدني والإرادة التشريعية.

المقدّمة

في الماضي كان السائد والمعروف بين الناس التداوي بالأعشاب وهذا ما يعرف بالطب البديل ، إلا أنه و نتيجة للمغالطات و استغلال حسن نية مستهلكها فقد مست مصالحه المعنوية و المادية، وهذا راجع إلى أن معظم من يحضر هذه الأعشاب ليس بالشخص المختص علميا ولكنه يعتمد على التراث الشعبي والمعلومات المكتسبة من أسلافه فتكون في الغالب غير مبنية على حقائق علمية ، ومنه فإن التداوي بالطرق الطبيعية لا يعني أن الضرر غير وارد حصوله، فظهرت الحاجة لتنظيمه في اطار قانوني وهذا هو التوجه التي تبنته المنظمة العالمية للصحة حيث أطلقت عليه تسمية الطب التكميلي كمحاولة لإقناع المجتمعات أنه يكمل عمل الطبيب وليس بديلا عنه كما كان يشاع، واعتمدت استراتيجية جديدة له منذ سنة 2014 إلى غاية سنة 2023 يهدف إلى تطوير و اعتماد منهج وبحث علمي في تطبيقه .

إتجهت معظم الدول في سياستها التشريعية الى تقنين هذا الطب وضبطه بمجموعة من القواعد القانونية كما هو الحال في القانون الاماراتي ، والهدف من ذلك هو إخضاع جميع الأشخاص الذين يمارسون هذا الطب الى شروط قانونية لابد من احترامها وكذا سنّ ضمانات قانونية خاصة تحمي المستهلك من العواقب والتباعات التي قد تترتب عن استهلاك الأدوية الشعبية، أما القانون الجزائري فيعاني من فراغ قانوني حيث عمّت الفوضى مجال ممارسة الطب البديل فأصبح بإمكان أي شخص أن يمارسها بدون شروط وقيود قانونية، إنما يخضع إلى ضوابط عامة كغيره من التجار ولا يوجد قانون خاص يحكمه مثل الصيدلي، أما تحضير الخلطات العشبية فلا تخضع لضوابط قانونية مثلها مثل المنتجات الصيدلانية على قدر المساواة، بالتالي يلجأ المستهلك في حال تضرره منها إلى الضمانات المنصوص عليها في قانون حماية المستهلك وقمع الغش القانون رقم09-03 وقوانين أخرى، من هذا المنطلق نطرح التساؤلات التالية:

ما مدى نجاعة الضمانات القانونية المنصوص عليها في قانون حماية المستهلك وقمع الغش؟ وماهي التحديات التي تواجه المجتمع المدني من جهة، والإرادة التشريعية من جهة أخرى؟

وللإجابة عن هذه التساؤلات لابد من التطرق الى النقاط التالية:

  • أولا: الآليات القانونية لحماية مستهلك من مخاطر الطب البديل
  • ثانيا: تحديات المجتمع المدني والإرادة التشريعية الجزائرية

أولا: الآليات القانونية لحماية المستهلك من مخاطر الطب البديل

تعاني المنظومة التشريعية الجزائرية من فراغ قانوني حيث لا يوجد قانون خاص ينظم مهنة الطب البديل، ولهذا السبب وجب على المستهلك اللّجوء إلى القواعد العامة في حالة المساس بمصالحه المادية والمعنوية وهي على النحو التالي:

  • الآليات من القواعد العامة :
    حيث يمكن له المطالبة بالتعويض عن ضرره برفع دعوى مسؤولية تقصيرية بإثباته للخطأ والعلاقة السبيبة بين الضرر والخطأ ، وفي بعض الأحيان يمكن أن تكيف على أنها جريمة يترتب عنها مسائلة جزائية ومدنية في آن واحد حيث تكيّف على أنها جريمة خداع و غش في السلعة فيحكم القاضي بغرامة أو الحبس وإعادة الأرباح التي تحصل عليها دون وجه حق .
  • في القانون المحدّد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية :
    الطب البديل هو عمل تجاري كغيره من الأعمال التجارية، يلجأ أغلبية الممارسين لهذا النشاط إلى الاشهار عبر مواقع التواصل الاجتماعي و عبر القنوات الفضائية الخاصة، و من خلال اللوحات الإعلانية في المحلات و البيانات التي توضع في الوسم الخارجي للمنتوج العشبي، قد تكون كاذبة ومضللة توهم المستهلك بعلاج الأمراض المزمنة كالعقم و السكري وارتفاع ضغط الدم بواسطة خلطات من الأعشاب أو بمعدات بإبر و الحجامة، و أصحاب هذا العلاج ليس لديهم دليل بأنهم مختصين في ظل عدم وجود تخصص في الطب البديل بالجامعات ومراكز التكوين المهني، حيث أن الأغلبية يمارسون هذا النشاط التجاري استنادا إلى معلومات توارثوها من سلفهم و لأغراض ربحية بحتة دون مراعاة صحة وسلامة المستهلك ، الذي يكون غالبا بأمس الحاجة لهذا العلاج فيغريه الاشهار دون استعلام و دون استفسار ليقع ضحية للغش الإشهاري وهو ما يعتبر مساسا بمبدأ نزاهة الممارسات التجارية و المشرع من خلال قانون 04-02 منع الإشهار التضليلي في اطار تجسيده لهذا المبدأ واعتبره مخالفة يعاقب عليها ، فبعد معاينة و تحقيق يقوم به الأعوان المكلفون المنصوص عليهم في المادة 49 من نفس القانون توقع عقوبة على ممارسي الطب البديل، وقد تكون غرامة من خمسين ألف دينار إلى خمسة ملايين دينار ، كما قد يتعرض صاحب المحل التجاري الى حجز ومصادرة السلع و غلق محله لمدة 30 يوم بقرار ولائي بناء على اقتراح المدير المكلف بالتجارة .
  • في قانون حماية المستهلك وقمع الغش:
    لأعوان قمع الغش التابعين لمديرية التجارة دور هام في عملية حماية المستهلك من الممارسين لنشاط الطب البديل بالالتزامات المنصوص عليها في قانون حماية المستهلك وقمع الغش، و من الالتزام بسلامة وأمن خدمة الطب البديل والمنتوجات المقدمة كعلاج للسقم والالتزام بالإعلام بكل مواصفاتها من مخاطر و دواعي استعمالها ، فلهم دور رقابي للمصالح المادية و المعنوية للمستهلك، حيث يقومون بمعاينة المخالفة و تحرير محضر حولها مع بيان وقائع المعاينة والمخالفات المسجلة، وفي كل مخالفة يمكن لهم اتخاذ التدابير التحفظية قصد حماية المستهلك ، برفض الدخول المؤقت أو النهائي للسلع المستعملة في الطب البديل عند الحدود، والإيداع و الحجز والسحب المؤقت أو النهائي لها أو إتلافها أو التوقيف المؤقت للنشاط، بالإضافة إلى عقوبات جزائية منصوص عليها في نفس القانون.

  1. يقول يوسف:

    ربي يوفقكم … المنظمة هي شمعة تعين كل طالب حق في طريقه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *