تدخلات المنظمة الجزائرية لحماية وارشاد المستهلك ومحيطه في عملية تحديد الأسعار

الإحتكار

إن ممارسة الاحتكار من قبل المتعاملين الاقتصاديين هو نتيجة حتمية لانتقال النظام الاقتصادي الجزائري إلى نظام اقتصاد السوق، إلا أنّه و من جهة أخرى فإنّ التمادي في ممارسة الاحتكار يمس المستهلك بضرر مادي، و لهذا فإنّه أصبح من الضروري وضع قيود قانونيّة على الإحتكار وآليات قانونية لضبطه وتنظيمه وإعادة التوازن بين المستهلك والمتعامل الاقتصادي، ولجمعيات حماية المستهلك دور في ذلك ولها أن تتدخل بطرق قانونيّة، فما هي هذه الطرق القانونيّة؟ وما مدى نجاعتها؟

 

سيتم التّعرض لهذا من خلال تجربة المنظمة الجزائرية لحماية وارشاد المستهلك ومحيطه APOCE كجمعية رائدة في مجال حماية المستهلك في الجزائر.

 

أوّلا: الآليات القانونية لتدخل جمعيات حماية المستهلك لحمايته من الاحتكار

أعطى القانون مكنة قانونية تتدخل فيها جمعيات حماية المستهلك لكسر ارتفاع الأسعار والتحكم فيها وهذا من خلال النص عليها وإعطاء حماية قانونية لهذه الآليات.

ففي إطار صلاحية التوعية والتحسيس المادة 21 من قانون 09-03 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش يمكن لجمعيات حماية المستهلك بعد جملة من شكاوى و تبليغات تصلها من المستهلكين حول عدم رضاهم بأسعار بعض الخدمات وممارسة الإحتكار دعوتهم لحملة مقاطعة كوسيلة لإيصال صوتهم بعدم رضاهم والتنديد بالتعسف الممارس عليهم. وفي إطار تمثيل المستهلك في الهيئات العمومية المكلفة بحمايته، ينص قانون المنافسة رقم 03-03 المعدل والمتمم، المادة 24 الفقرة الثالثة منه، على أن تشكيلة المجلس تضم ممثلين إثنين يتم اختيارهما من جمعيات حماية المستهلك، الغرض من ذلك ايصال صوت المستهلك وتقديم مقترحات تتناسب وحماية قدرته الشرائية. 

كما يمكن لجمعيات حماية المستهلك إخطار مجلس المنافسة عن أي ممارسة مقيدة للمنافسة من بينها ارتفاع الأسعار غير المبررة واستغلال وضعية الاحتكار، فيباشر المجلس عملية التحقيق فيها وهذا طبقا للمادة 44 من قانون المنافسة. وفي إطار التمثيل أمام القضاء فلجمعيات حماية المستهلك صفة التقاضي والقيام بالإجراءات بسبب وقائع لها علاقة بأهدافها و هذا ما نصت عليه المادة 17 من قانون رقم 12-06 المتعلق بالجمعيات في فقرتها الثانية، و هذا ما تؤكده المادة 48 من الامر رقم 03-03 المتعلق بالمنافسة حيث تنص على أنه: لكلّ من تضرر من ممارسة تجارية مقيدة للمنافسة سواء كان جمعية حماية مستهلك أو مستهلك أن يرفع دعوى قضائية أمام الجهة المختصة، وتؤكده كذلك المادة 23 من القانون رقم 09-03 على إمكانية التأسيس كطرف مدني من قبل جمعية حماية المستهلك للمطالبة بالتعويض عن الأضرار سواء الماديّة او المعنوية والتّي تمس بمجموعة من المستهلكين.

 

ثانيا: تجربة المنظمة الجزائرية لحماية وارشاد المستهلك ومحيطه

تعتبر المنظمة الجزائرية لحماية وارشاد المستهلك ومحيطه من بين الجمعيات التي وضعت بصمتها في الميدان واستعملت جميع الآليات القانونية لحماية المستهلك من ارتفاع الأسعار لجعله يتحكم في المنافسة، فبناء على الشكاوى والتبليغات التي تصل المنظمة حول ارتفاع الأسعار والبنود التعسفية من المتعاملين الاقتصاديين المحتكرين لخدمة أو منتوج، وفي إطار التحسيس والتوعية أطلقت عدة حملات مقاطعة لعدة منتوجات وخدمات، وكان لها عدة تدخلات أمام مجلس المنافسة والقضاء. 

حيث تم تبني عملية مقاطعة السيارات تحت شعار “خليها تصدي” وهذا بعد أن عرفت أسعار السيارات ارتفاع محسوس وعدم قدرة المستهلك على اقتنائها، وأيضا تمّ إطلاق حملة المقاطعة الأخيرة “خليها ترتاح” ضد أحد متعاملي الهاتف النقال نظرا لارتفاع الأسعار وتدني الخدمات المقدمة.

كما أن للمنظمة عدة مراسلات رسمية لمجلس المنافسة، تتمثل في إخطارها بطلب التدخل والتحقق من عدة ممارسات تجارية منافية للمنافسة والتشريع المعمول به. نذكر عل سبيل المثال الدعوى القضائية التي قامت برفعها ضد اتصالات الجزائر وهذا في جوان 2018 حيث أسست عريضة افتتاح الدعوى أن هذه الأخيرة قامت باستغلال وضعية الاحتكار والهيمنة وهذا ما يتنافى مع نص المادة 07 من قانون المنافسة، وفرضت أسعار وعدلت بنود العقد الخاص بالتسعيرة دون إعلام المستهلك حيث أصبحت لا تتناسب وقدرته الشرائية. 

 

وختاما لما سبق التعرض إليه:

إن السبل القانونية المتاحة للمستهلك ولجمعيات حماية المستهلك كمجتمع مدني يسعى للرقي بالمجتمع، متاحة بنصوص قانونية، وعلينا جميعا أن نستغلها ومن خلالها نستطيع الرقي بالاقتصاد الوطني بالدرجة الأولى وتحسين القدرة الشرائية للمستهلك بالدرجة الثانية، وإن تكريس عبارة “المستهلك ملك” ليس بأمر سهل بل يتطلب تعاون وتظافر الجهود بين ممثلي المستهلك من الجمعيات الناشطة وشركائهم الاجتماعيين.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *